responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 32  صفحه : 159
المائدة، فكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدعاء إبقاءً عليهم ورحمةً لهم، وأول [1] هذه السورة يدل على مدح العلم وآخرها على مذمة المال، وكفى بذلك مرغبًا في العلم والدين، ومنفرًا عن المال والدنيا، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إني أعوذ بك من غِنًى يُطغي وفقر يُنسي" وقد حكم [2] سبحانه على الإنسان بالطغيان بالغنى باعتبار الأعم الأغلب، في أفراده، وإلا فإن الغنى والقوة في أيدي الأتقياء من وسائل الخير وأفضل أسباب السعادة الدنيوية والأخروية؛ لأنهم يستعملونها فيما يُرضي ربهم ويعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم،

8 - ثم حذر من الطغيان وأنذر من عاقبته، وأبان أن ما بيد الطاغي عارية، وليست نفسه بباقية، وأن مرجع الأمر كله لله سبحانه وتعالى، فقال: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)}؛ أي: إلى مالك [3] أمرك أيها الإنسان رجوع الكل بالموت والبعث لا إلى غيره استقلالًا واشتراكًا، فسترى حينئذٍ عاقبة طغيانه، والرجعى مصدر بمعنى الرجوع، والألف للتأنيث كالمرجع والرجوع، يقال: رجع إليه مرجعًا ورجوعًا ورجعى، وتقدم الجار والمجرور؛ لإفادة القصر.
والمعنى [4]: أي إن المرجع إلى ربك وحده وهو مالك أمرك وما تملك، وسيتبين لك عظيم غرورك حينما تخرج من هذه الحياة، وتظهر في مظهر الذل، وتحاسب على كل ما اجترحته في حياتك الأولى قل من كثر عظم من حقر، كما قال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)}

9 - ثم أعقب ما تقدم بالوعيد والتهديد والتعجيب، فقال: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} والاستفهام لتعجيب المخاطب، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل من يتأتى منه الرؤية، والرؤية هنا بصرية، وهي [5] تتعدى إلى مفعولين؛ لأنها بمعنى: أخبِرْني، فالمفعول الأول: {الَّذِي}، والمفعول الثاني: محذوف، وهو جملة استفهامية نظير الجملة الواقعة بعد {أَرَأَيْتَ} الثالثة؛ أي: أخبِرْني يا محمد، من أيها المخاطَب الناهي من يصلي ألم يعلم أن الله يطلع على أحواله، فيجازيه بها حتى اجترأ على ما فعل؛ أي: أخبرني عن حال هذا الأحمق، فإن أمره لعجب، فقد بلغ به الكبر والتمرد والعناد إلى أن

[1] روح البيان.
[2] المراغي.
[3] روح البيان.
[4] المراغي.
[5] المراغي.
نام کتاب : تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن نویسنده : الهرري، محمد الأمين    جلد : 32  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست